بسم الله الرحمن الرحيم

  المجلة العلمية العدد الاول عن التلوث

مقدمة  

  الحمد لله  رب  العالمين  ، والصلاة والسلام على  أشرف المرسلين سيدنا  محمد  وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما  بعد :

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان  وكرمه ، وفضله  على  كثير ممن خلق  ،

قال تعالى {  ولقد كرمنا بني آدم  وحملناهم في ا لبر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً } الإسراء 70

وخلق الله الكون ووضع له النواميس والقوانين التي تكفل حفظه وتوازنه ، وأحكم الله صنع البيئة التي خلقها وأتقن صنعها { صنع الله الذي أتقن كل شئ } النمل 88

 وامتدت يد الإنسان لتلوث كل شئ في البيئة ، واختل بذلك نظام التوازن البيئي ، فأصبح الغذاء ملوثاً بالمبيدات الحشرية ، والماء ملوثاً كذلك بالنفايات العديدة ، والهواء مكدساً بالسموم والدخان والكيماويات ، الضوضاء تحيط بنا من كل جانب وتلاحقنا حتى في المنازل والمخادع ، وأصبح الجو حاراً والإشعاعات الذرية القاتلة في كل مكان، وصار التلوث إحدى صور الفساد الذي يتسبب فيه الإنسان نتيجة لإخلاله بتوازن الكون ، فلقد انتشرت ظاهرة التلوث في كل بقاع العالم ، أصبحت واحدة من أكبر مشاكل هذا العصر ، ومن أكثرها خطراً على مستقبل الحياة على ظهر الأرض .

لقد اختفت كل مظاهر الطبيعة الخلابة فلا مجال للمساحات الخضراء وما بها من أشجار باسقات ولا مجال للغذاء الصحي ولا الماء النقي ، وأصبح العالم يعاني الآن من ويلات الثورة الصناعية والطفرة الحضارية الكبيرة وآثارها المدمرة على البيئة  وحذر القرآن الكريم الإنسان من عواقب الفساد الوخيمة في الأرض فقال سبحانه { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمت الله قريب من المحسنين } الأعراف 56 

التلوث خطر يهدد الصحة والبيئة  

  البيئة هي كل ما حولنا ، فهي تشمل المنازل التي نعيش فيها والأماكن التي نعمل فيها ، والهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه ، والأرض التي نعيش عليها ، وهي تضم كذلك كل الظواهر الطبيعية والبشرية التي نتأثر بها ونؤثر فيها .

  وأحياناً يكون للبيئة تأثير مباشر على صحتنا وتعد المسؤولة الأولى عن بعض الأمراض التي تصيبنا سواء جسدياً أو ذهنيناً / والبيئة السيئة مسؤولة عن ما يصيبنا من اكتئاب وقلق ، بعكس البيئة الجيدة سواء كانت في المنزل أو المدرسة أو العمل فهي تدفعنا إلى المزيد من الصحة والسعادة .

  وكثيراً من مشاكل البيئة تهدد صحتنا ، تقع خارج نطاق تحكمنا كأفراد ، فالتلوث النووي والأسلحة النووية ومحطات القوى ، وتلوث البحار والأنهار والمحيطات كل هذه الأمثلة تقع في نطاق مسئوليات الحكومات والتي تستطيع إيجاد الحلول لها .

فسارعت بالتخطيط والتنظيم وبذل الجهد من أجل حماية البيئة ، حيث أدركوا أن الاقتصاد القوى لا بد أن يقوم على بيئة صالحة وأصبحت حماية البيئة مدرة للربح وقد نشرت مجلة اللقاء تحت عنوان ( البيئة مدرة للكسب )

" عندما أعلن في عام 1986 أن مبلغاً قدرة 103500000000 مارك ألماني يجب أن ينفق من أجل التغلب على الأضرار التي تلحق بالبيئة سنوياً في جمهورية ألمانيا الاتحادية -  كان النبأ مفزعاً – وكان أول من قام بحساب هذا المبلغ البر فسور  الدكتور لوتس فيكيه ، مدير الدائرة الاتحادية لحماية البيئة في برلين الذي أجرى حساباته على الشكل التالي : التكاليف الناتجة عن تلوث   ( أضرار في المباني والغابات والصحة العامة : 48 مليار مارك ) وعن الضجيج : 39 مليار مارك وعن تلوث المياه : 18 مليار مارك ، وكان البر فسور رولف رودنشتوك رئيس اتحاد الصناعة الألمانية من أوائل الذين انتبهوا لهذه الظاهرة وعبر عن رؤيته بقوله : " عندما تدمر البيئة ، لهذا تفتقد الصناعة أيضاً القاعدة اللازمة لوجودها "

وانتشرت شركات حماية البيئة ، وقد أشار استطلاع للرأي ، أجري بين أعضاء اتحاد أرباب العمل الشباب إلى أن الجيل الصاعد من قادة الصناعة ، مصمم على حمل مسئولية حماية البيئة ، وقول كلاوس غونتر فبدلاً من التحدث عن التكاليف صار الناس يتحدثون عن الأرباح ، وبدلاً من أن يؤدي تلوث البيئة إلى تسريح العمال ، أصبحت الصناعة المتعلقة بحماية البيئة تخلق فرص عمل جديدة وأخذت المجلات الاقتصادية الألمانية المرموقة تنصح بتوظيف الأموال في مجال حماية البيئة ، مؤكدة جدواها على المدى الطويل .

ويؤكد  البروفيسور الدكتور هيربيرت  ميفيرت  المتخصص  بعلم التسويق أن  من يعمل سلفا بصوره  غير ضاره بالبيئة يكسب  كثيرا ،  فالسلع  التى يحمل اسمها عبارة  " طبيعي " أو بيئي  تباع أكثر من السلع الأخرى ا لمنافسة لها وبد لا من أن نقوم بتنقية ا لمياه ا لملوثة فإننا نسعى  إلى الحيلولة د ون نشوئها ، وبدأت الشركات العملا قه بأستثما ر ما لد يها من  معا رف غنية  فى  مجا ل البيئة وأصبحت الأ رباح الو فيرة لا تتحقق فقط بإ زالة ما يلحق  بالبيئة من أضرار بل بالسعي   إلى إجراء  إصلاحات داخلية في المصنع تهدف إلى  عد م تلوث البيئة أصلا .

وقد أثبتت الدراسات أنه مع مرور الوقت تتراكم الأدلة على أن الذرات الناتجة عن النشاطات الصناعية تكون سبباً في قتل عدد متزايد من سكان المدن ، خصوصاً أولئك الذين يعانون من أمراض صدرية أو قلبية ، ومعظم تلك الذرات القاتلة يكون حجمها أقل من عشرة ميكرون (1) . وهي الذرات التي تنتج على الأغلب من عادمات الديزل ، ففي بريطانيا يعتقد أن تلك الذرات تقتل 100 الف شخص سنوياً . ورغم تلك الحقائق فإن بعض العلماء يشككون في تلك العلاقة المميتة ، ويستدلون على ذلك بأن العمال الصناعيين يتعرضون لمستويات تلوث أعلى مما يتعرض له العامة في شوارع المدن ، ودون إصابتهم بنفس المشاكل الصحية التي تحدث للعامة .

وقد تبين من خلال الدراسات والأبحاث أن غاز ثاني أكسيد الكبريت يؤثر في الرئتين ، كما يؤثر في نسيج الجلد والعينين ، وحالات الزكام المزمن ، وضيق التنفس . 

كيف نحمى أنفسنا من الأمراض المهنية ؟ 

لا شك أن كثر من ا لمهن    تعرض  أصحاب بها للأ مرض  نتيجة ا لمواد الناتجة من ممارسة  هذه ا لمهنة والأمثلة على ذلك كثيرة ولكننا سوف نعرض هنا بعضها على سبيل المثال – لا على سبيل الحصر :

أمراض الرئة تصيب العاملين في المناجم نتيجة استنشاق غبار وتراب المواد الموجودة في المناجم وتسمى هذه الحالة برئة المناجم Miner,s lung حيث تصبح الرئة سوداء وصلبة نتيجة لإ حتوائها على  كمية كبيرة من تراب ا لمنجم و العمال الذين يعملون في ورش ا لنجارة يستنشقون أيضاً غبار نشارة الخشب و كذلك أيضاً ا لعمال ا لذ ين يعملون في الصناعات القطنية  تصاب رئاتهم بالتلف من جراء ترسب الا لياف ا لقطنية فيها وفى كل هذه ا لحالات السابقة تتحول ل الرئة  من نسيج  مرن  تدريجياً إلى نسيج صلب ليفى وبالتالى تقل كفاء تها على أداء عملها ويصبح التنفس ً صعبا كما تحدث أمراض ا لرئة  مثل السرطان  وذلك بالإضافة إلى أمراض الشعب الهوائية .

العمال الذين  يعملون في  صناعات  التعدين واللحام يتعرضون أيضاً أخطار الحرارة واستنشاق المعادن .

ولمهنه  الطب والتمريض  مخاطرها  أيضًا  فالأطباء الممرضات هم فرسان الذين يلعبون في ساحة الأمراض ومنها المعدي ومنها القاتل .

والذين يعملون في مجال الإشعاع الذري يتعرضون للمخاطر .

ورجال الإطفاء لديهم أيضاً مخاطرهم .

وعموماً فإن المجال لا يتسع هنا لذكر المخاطر المهنية ولكن يجب أن يتخذ صاحب المهنة سبل الوقاية من أخطار مهنته التي يتعرض لها أثناء أدائه للعمل سواء بارتداء الملابس أو الأقنعة الواقية أو سدادات الأذن الواقية من الضوضاء حتى أن بعض الأمراض المهنية تأتي عن طريق الملامسة بالجلد مثل الطبيب الذي قد يلامس الدم أو الأنسجة الملوثة  .